هكذا تؤثر الأسرة والدين على علاقة «بنات ثانوي» بالجنس الآخر

صورة أرشيفية
بنات ثانوي: الصداقة بين الذكر والأنثى تسبب الأذى لأحد الطرفين

تعتبر الصداقة من أسمى وأصدق العلاقات بين الناس، وربما نشعر في كثير من الأحيان أن الحياة صعبة في ظل عدم وجود أصدقاء أو لمجرد ابتعادهم، وعلى الرغم من أهمية الصداقة فإنها أحيانًا تتسبب في الكثير من المتاعب إذا اختارت الفتاة المراهقة صديقًا من الجنس الآخر، وقد صرحت دار الإفتاء المصرية مرارًا أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى بالصداقة بين أنثى وذكر أجنبيّ عنها، بل الموجود هو التعامل بين الجنسين في إطار الضوابط العامة، وهو ما دفعنا لسؤال عدد من بنات المرحلة الثانوية عن إمكانية نشوب علاقة صداقة مع زملائهم من الجنس الآخر، وكذلك سؤال خبراء علم النفس ورجال الدين عن حدود هذه العلاقات.

قالت علياء رمزي، الطالبة بالصف الأول الثانوي، إن والدتها منذ صغر سنها كانت حريصة على وضع حدود بينها وبين الذكور تحت مسمى «العيب»، وعندما كبرت وبدأت تحفظ القرآن وتفهم معانيه علمت أن هناك ضوابط في التعامل مع الجنس الآخر فتحولت المرجعية في هذا الموضوع من تحذيرات الأم إلى أوامر الدين، مشيرةً إلى أن وجود تحذيرات الأم كان عاملًا مهمًا في الاقتناع بأهمية وضع ضوابط بينها وبين زملائها الذكور، مضيفةً أنها تقيم في قرية الجميع فيها يعرفون بعضهم وبالتالي يكثر الاختلاط بين الفتيات والأولاد، لكن أقرانها الذكور يعلمون أنها ترفض التعامل معهم إلا في الأمور الضرورية وكان لشخصيتها القوية دورًا في إدارة ذلك.

وذكرت رقية محمد، الطالبة بالصف الثالث الثانوي، أنها منذ 3 سنوات عرض عليها زميلها في المدرسة أن يكونوا أصدقاء ثم صرح بحبه لها وبعدما أقنعها بحديثه اكتشفت بعد فترة أنه اتخذها وسيلة للوصول إلى صديقتها، مما سبب لها شعورًا بالخِذلان، لكنها لم تتعلم من خطأها وسمحت لشخص آخر بالتقرب منها وبعدما اعتادت على وجوده في حياتها بدأ ينفر منها ويتجاهل رسائلها مسببًا لها شعورًا سيئًا؛ لذلك ترى أن الصداقة بين الذكر والأنثى تتسبب في أذى لأحد الطرفين، مضيفةً أن الفتاة هي مَن يجب أن تُقرر أن يكون لها صديق أم لا فهي أكثر دراية بما فيه مصلحتها، مختتمةً أنها الآن ليس لديها أي أصدقاء وأصبحت تفضل الوحدة.

صورة أرشيفية

وأشارت حبيبة كامل، الطالبة بالصف الثاني الثانوي، إلى أنها لا تُمانع من وجود أصدقاء لها من الجنس الآخر، موضحةً أن ذلك يجب أن يكون بضوابط لأن الولد من الممكن أن يتجاوز حدوده إذا لم تضع الفتاة لنفسها بعض الضوابط التي يجب أن تلتزم بها أثناء تعاملها مع الجنس الآخر، مؤكدةً أنها نشأت في أسرة تنصحها بأن التعامل مع زملائها الذكور يكون في حدود الدراسة فقط.

«الموضوع يتعلق بالتربية والدين، فالأسرة هي التي تقوي من الوازع الديني الذي يجعل الأبناء يرفضون تعميق العلاقات مع الجنس الآخر»، بهذه الكلمات أعربت إكرام درويش، الطالبة بالصف الثالث الثانوي، عن استنادها إلى مرجعية الدين وتربية الأسرة في التعامل مع زملائها الذكور، مضيفةً أن الولد لا يلتزم مع الفتاة بالحدود المشروعة فمن الأفضل عدم وجود علاقة بينهم؛ لذلك هي لا ترى ضرورة وجود تعامل مع زملائها الذكور لأنها لن تحتاج إلى ذلك في ظل وجود زميلاتها وصديقاتها البنات، ناصحةً فتيات جيلها بعدم الاستعجال على هذه العلاقات فإنها لها وقتها المناسب في المستقبل أما الآن فيجب عليهم التركيز في دراستهم.

واتفقت هاجر بدر، الطالبة بالصف الأول الثانوي، مع «إكرام» قائلةً إن إهمال الأهل وعدم احتواء بناتهم بالعاطفة والحنان وكذلك نقص المعلومات الدينية لديهم كان من أهم أسباب اتجاه صديقاتها في هذا السن إلى التشبث بأي شخص يُلقي على مسامعهن بعض الكلمات المحببة إليهم، مضيفةً أن تواجد الفتاة وسط مجموعة من الصديقات اللاتي يتحدثن باستمرار عن علاقاتهم مع الجنس الآخر يؤثر عليها ويدفعها لتكون مثلهم حتى لو كان هناك احتواء من الأهل، موضحةً أنها في البداية كانت تتعامل مع زملائها الذكور بحرية لكن مع مرور الوقت أصبح لديها ثقافة دينية حول تحريم ذلك فأنهت هذه العلاقات وأصبحت رافضة لمثل هذه الصداقات.

أستاذ فلسفة إسلامية: الصداقة بين الرجل والمرأة لا تباح في الإسلام

ومن جانبه قال الدكتور محمود عثمان، أستاذ الفلسفة الإسلامية، إن كل مسلم ومسلمة تجمعهما الأخوة العامة وهي أخوة الدين وأما غير ذلك فإنما يسمى صداقة وليس أخوة، والصداقة بين الرجل والمرأة لا تباح في الإسلام؛ لأنها تؤدي إلى الحرام، مضيفًا أن الاختلاط بين الرجل والمرأة في مكان العمل أو مكان الدراسة وما يحدث بينهما من مزاح وكلام بدون داعٍ فهذا غير جائز في الإسلام، حيث توجد حدود للاختلاط المسموح به في الشرع وهو ما تؤمن معه الفتنة ويتحقق فيه الالتزام بضوابط الشرع، مثل تجنب الخلوة والخضوع بالقول والالتزام بالحجاب وغض البصر.

وذكر الدكتور السعيد محمد، وكيل وزارة الأوقاف السابق، أن نشأة الأولاد على فطرة الإسلام وتعليمهم مبادئه من مهام الأسرة والمدرسة، فالشاب والبنت سواء كانوا في أي مرحلة تعليمية فهم بحاجة إلى توجيه من الوالدين لمحاربة الفتن والمغريات المنتشرة في هذا الزمان والذي يقع فيها كثير من الشباب، موضحًا أن تربية البنت وتعليمها مبادئ الإسلام وحدود تعاملها مع الجنس الآخر وكيفية الحفاظ علي نفسها وشرفها يكون من مهام الأم، أما تعليم الشاب أن يحافظ على البنات كما يحافظ على أخته وحدود التعامل معهن سواء كان في مكان العمل أو مكان الدراسة تكون من مهام الأب.

أوضح الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، أنه يجب على الأم والأب توعية الأبناء خصوصًا في المرحلة الثانوية عن حدود الزمالة والصداقة بينهم وبين الجنس الآخر، وأن يجتنبوا المبالغة في التحذير لكي لا يأتي بنتيجة عكسية، مضيفًا أن البنات في هذا السن يرغبن بالشعور بأنوثتهن فلذلك يفضلن تكوين صداقة مع الجنس الآخر خصوصًا إذا كانت علاقتهن بأصدقائهن من نفس الجنس وبعائلاتهن ليست جيدة فيبحثن عن الحب والحنان في الخارج، مشيرًا إلى أن المشاعر في هذه المرحلة ليس ضروريًا أن تكون غير صحيحة فغالبًا ما تكون عبارة عن ارتياح للجنس الآخر فيجب على الأم في هذا الموقف أن تستمع إلى ابنتها ولا تسخر منها وتحاول بقدر الإمكان أن تتعامل مع الموقف بهدوء.

Scroll to Top