هكذا تفاعل «جيل زد» مع البرامج الدينية في رمضان
يشهد مجتمعنا في شهر رمضان المبارك اهتمامًا كبيرًا بالبرامج الدينية التي تُعرض على القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية، وتتناول موضوعات متنوعة تسعى إلى تثقيف وتوعية شباب هذا الجيل دينيًا وأخلاقيًا، وفي هذا السياق يثير الاهتمام مدى تفاعل الشباب مع هذه البرامج خلال شهر رمضان، هل يبدون اهتمامًا بالموضوعات التي تُطرح فيها؟ وهل يشاركون في «الهاشتاجات» المتعلقة بها على منصات التواصل الاجتماعي؟ في هذا التحقيق سنتعرف على الموضوعات التي تتطرق لها البرامج الدينية في الموسم الرمضاني الحالي ومدى تفاعل الشباب معها.
قدم الداعية مصطفى حسني، في برنامجه الرمضاني هذا العام والذي يحمل اسم «بصير» تحت شعار «رحلتك من الشتات إلى اليقين»، حلقات حول أسرار الشتات في حياة الإنسان والحلول التي تصل به إلى اليقين حتى يصبح بصيرًا قادرًا على إدراك حقائق الأشياء على وجه اليقين، والتي من أهمها أن يرى الإنسان الأمور بعين قلبه من خلال إزالة الأهواء التي تعمي عين البصيرة وتجعل الإنسان في حيرة وشتات، وكذلك الإيمان بأن سلامة القلب ترتبط باستحضار الدار الآخرة.
ونال برنامج «بصير»، إقبالاً كبيرًا من جمهور الشباب الذين تنوعت تفاعلاتهم معه على مواقع التواصل الاجتماعي بين الإعجابات والتعليقات والمشاركات بالإضافة إلى تفعيل «هاشتاج بصير»، ومن أبرز تعليقات الشباب قول إحدى الفتيات «يا الله كمية طاقة إيجابية عجيبة في البرنامج سيشعر بها مَن يعيش في شتات ويبحث عن اليقين»، لترد متابعة أخرى على هذا التعليق قائلة «تمامًا بعد أول حلقة أدركت كم أنني في شتات كبير»، وشاهد الحلقة الأولى على «يوتيوب» 586 ألف مستخدم حتى الآن.
ودار برنامج «قلوب عامرة» الذي تقدمه الدكتورة نادية عمارة، الداعية المتخصصة في الدراسات الإسلامية، في هذا الموسم الرمضاني حول آيات الدعاء في القرآن الكريم، ومن خلال البرنامج يتم توضيح أمور متعلقة بفقه وآداب الدعاء بأسلوب بسيط، وهو برنامج ديني اجتماعي يعالج الكثير من الموضوعات الاجتماعية الحياتية بمنظور إسلامي، ومن أبرز الموضوعات الاجتماعية التي تطرق لها البرنامج هي توضيح حكم العصبية في التعامل بين الأب وأولاده.
ولكن على مستوى اهتمام الشباب بهذه الموضوعات لم يحظى برنامج «قلوب عامرة» بتفاعل من الشباب، حيث إنه عند الدخول على حسابات الأشخاص القليلين الذين يتفاعلون مع البرنامج نجدهم من كبار السن، ولم يهتم الشباب بتفعيل «هاشتاج» يدل على اهتمامهم بالموضوعات التي تناقشها حلقات البرنامج، أما عدد المشاهدات على اليوتيوب فلم تتجاوز الحلقة ٥٠٠ مشاهد.
وجاء برنامج «نور الدين» الذي يقدمه الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، في شكل تفاعلي مع الطلاب في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، إذ يستمع إلى أسئلتهم بدون خطوط حمراء أو وصاية، ويغوص في الأسئلة الشائكة التي تدور في عقولهم في تلك المرحلة العمرية مثل حكم دخول غير المسلمين الجنة وحدود العلاقات مع الجنس الآخر، ليجيب عنها بشكل مبسط خلال البرنامج الذي يعرض على عدة قنوات مصرية خلال شهر رمضان.
وبالضغط على «هاشتاج» «نور الدين» بعد إذاعة ثالث حلقات البرنامج رصد فريق «جيل زد» أن الشباب قد انقسموا إلى فريقين، الأول يُشيد بمحتوى البرنامج وكانت نسبتهم قليلة مقارنةً بالفريق الآخر الذي شن هجومًا على موقف «جمعة» من بعض الموضوعات المتعلقة بالعقيدة وعلاقات الحب بين الشباب ووصفه بأنه يتهاون في أحكام الدين، مما أدى إلى ظهور هاشتاج جديد يطالب بإيقاف البرنامج، ومن أبرز تعليقات الفئة المعارضة كتبت إحدى الفتيات «احنا طول عمرنا نعرف إن علاقة البنت والولد حرام، وربنا قال ولا تخضعن بالقول فازاي الولد في سؤاله للشيخ بيقول فيه بسمة وكلام وسلام وهو يرد عليه يقوله عادي وكان بيحصل في زمن الصحابة».
وتناول برنامج «أزمة عيلة» الذي قدمه عمرو وهران، الداعية الإسلامي، إطار التحذير من الشيطان وعلاقته بالعائلة وأنه له عرش يجمع أتباعه ولا يهتم إلا بالتفرقة بين الرجل وزوجته، فهو يكلف من يفسد الأسرة لأنه يدرك أن هدم العائلة هو هدم للمجتمع، كما يقدم البرنامج الكثير من النصائح للشباب المتزوجين والمقبلين على الزواج من خلال مناقشة قضايا أسرية مهمة مثل أزمة الاستهانة وعدم تقدير الزوجة، أزمة الأب والرزق، أزمة الأب والأم مع أدوارهم وأزمة العائلة مع مادية الأولاد.
وجاء برنامج «أزمة عيلة» في المرتبة الثانية بعد برنامج «بصير» من حيث تفاعل الشباب معه، حيث علقت إحدى المتابعات قائلة «فكرة البرنامج رائعة لأنها تتحدث عن مشاكل على أرض الواقع خصوصًا في الأسرة»، كما علق أحد المتابعين قائلًا «البرنامج جميل جداً فيه كمية معلومات عن التربية والسلوك وفن التعامل رهيبة، شكرًا لكل من قام على فكرة البرنامج»، وتجاوزت مشاهدة الحلقات على «يوتيوب» الألف مشاهدة خلال أول أسبوع في رمضان.
وشارك الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، في الموسم الرمضاني الحالي ببرنامج «ومن الحب حياة» الذي يقدم من خلاله عشرات المواقف الرحيمة والمؤثرة التي استوقفت عينه ووجدانه في مكان ما، لترسيخ قيم رفيعة لدى المشاهدين مثل حق الطريق والأدب الرفيع، وكل حلقة تأتي مع شرح وبيان قيمة الفكرة، ثم طرح تعليق يبرز المعنى المقصود، لذلك فهو كما أوضح «مقدم البرنامج» في أولى حلقاته أنه عبارة عن رشفات من الرحمة والروحانية والأخلاق من خلال توثيق اللحظات.
وعلى الرغم من قلة تفاعل الشباب مع برنامج «ومن الحب حياة» فإن بعضهم كان حريصًا على مشاركة المقاطع التي ينصح فيها الدكتور أسامة الأزهري ببعض الحلول لمواجهة المشكلات التي تواجه الشباب ومنها وصية للإنسان الذي مر بتجربة سيئة في علاقة ما.
وقدم الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والداعية رمضان عبد المعز، طوال شهر رمضان برنامج «لعلهم يفقهون» الذي يتناول أهم القضايا التي تشغل شباب المجتمع المصري والأمة العربية والإسلامية ويفند جميع القضايا بمنظور ديني وسطي من القرآن والسنة، ويفسر قصار السور وأسباب نزولها، وذلك بالاستعانة بالعديد من كبار العلماء والمشايخ، واستضافتهم بهدف التنوير الديني للمشاهدين والإجابة على كل التساؤلات المطروحة.
وتفاعل مع برنامج «لعلهم يفقهون» الكثير من الشباب، من خلال تسجيل الإعجابات بمقاطع الفيديو التي تنشر على الصفحات الخاصة بالبرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي، والتعليق عليها ومشاركتها، ومن أبرز هذه التعليقات قول أحد المتابعين «هذا البرنامج أراح قلبي وقلوب الكثير ممن أثقل الهم قلوبهم».