من الممتع قضاء الكثير من الوقت أمام مشاهدة الكارتون والمجسمات المصطنعة المتحركة وهي متخذة أدوارنا في الحياة وتأتي لنا ببعض الأفعال والأفكار التي لا تخطر على عقولنا، لتثير انفعالتنا وتسأولاتنا تجاهها، سواء بالضحك أو الحزن أو التسأول عن كيفية عمل شيئاً ما رأيناه في الكرتون، وذلك لا يتوقف تأثيره عند التسأول فقط، إنما تندمج مسارات تفكيرنا وخيالنا مع المواقف والشخصيات الكرتونية المتعلقين بها، مما تتضمن تلك التوقعات مع اتجاهاتنا وأهدافنا عبر الأجيال.
لم يتوقف دور الأعمال الكرتونية على الترفيه وقضاء وقت للتسلية بحسب، لكن يدخل في تعليم الأطفال اللغة، وكيفية التعامل مع مختلف الأشخاص على أساس مدى قربهم. وقد شهد تطور الأعمال الكرتونية بين الأجيال تحول كبير من أواخر القرن 20 حتى الآن على مرحلتين، لذلك نبرز أهم الأعمال الكرتونية العالمية والمصرية التى لاقت رواجاً واسعاً في السوق، ونستكشف تأثير تلك الأعمال على الأطفال وسلوكياتهم واتجاهاتهم الحالية.
قام فريق «جيل زد» بعمل رصد لأهم الأعمال الكرتونية العالمية والمصرية وتقسيمها على مرحلتين من ناحية تطور الصور والمؤثرات المرئية في الكرتون، بجانب ترتيب تلك الأعمال ترتيباً تنازليا حسب نجاحهم وأربحاهم في كل مرحلة.
يُعد فيلم الأنيمشن «The Lion King» أكثر الأفلام الكرتونية التي ينجذب إليها الأطفال ويتفاعلون مع قصته، ووصلت أرباحه إلي مليار و343 دولار أمريكي خاصة بعد أستحداث الفيلم بنسخة أكثر واقعية عام 2019 م، إذ تحكي قصة الفيلم عن تجهيز الأسد الصغير «سيمبا» لتوليه العرش بعد والده ومحاولات عمه الشريرة لخداعه، بالإضافة مساعدة أصدقائه تيمون وبومبا لكشف حيل عمه وإنقاذه. ويليه سلسلة أفلام «Toy Story» خاصة الجزء الثالث الذي تم إصداره عام 2010 م، وحصل على أرباح تقدر بمليار و63 مليون و171 ألف دولار أمريكي، إذ عاد بقصة «آندى» الذي وصل عمره سابعة عشر عام، وقرر الاحتفاظ بألعابه القديمة (وودى- باظ- وجيس) في كيس قمامة داخل السندرة، مما بث الشكوك في نفوس الألعاب بأنه يريد التخلص منهم، فيتسللون في علبة تبرعات لدور رعاية الأطفال، بينما يحاول “وودى” بإزالة تلك الشكوك عنهم.
ويأتي في المرتبة الثالثة كرتون «Sherk 2» الذي وصلت إيراداته إلي 963 مليون دولار عام 2004م، وسرد الكرتون قصة الأميرة فيونا التي تحولت إلي غولة وزوجها شريك عندما يعودوا لزيارة والديها ويتفاجئوا بهم، وتبدأ والدها في عمل الكثير من المؤتمرات لتفريقهما عن بعضهما.ثم في المركز الرابع كرتون «monster,Inc» أو شركة المرعبيين المحدودة الذي وصلت أرباحه عند عرضه على 560مليون دولار، وحصل على جائزة الأوسكار لأفضل أغنية أصلية عن أغنية «If i Didn’t Have You»، وتبرز قصة الفيلم عن قيام الأشخاص المرعبيين الذين لهم أشكال غريبة بتخويف الأطفال، سعياً لتوليد الطاقة في الشركة بأكبر قدر ممكن، لكن تختل موازين العمل تماماً عند دخول الطفلة «بو» إلي الشركة وتعلقها الشديد بشخصية «راندال».
ومن الأعمال الكارتونية المصرية التي حظت بشعبية كبيرة كرتون «بكار» الذي جسده ولد صغير من النوبة وحواديته الرائعة مع المعزة رشيدة، بالإضافة إلي المسلسل الكرتوني «عالم سمسم» الذي يعرض مواد تعليمية وتثقيفية للأطفال، بالإضافة إلى مواقف حياتية حتى يعرف الأطفال كيفية التصرف الصحيح إذا مروا بهذه المواقف، وأبرز الشخصيات فيه هي «فلفل» «نمنم» و«خوخة».
![](https://generation-zd.com/wp-content/uploads/2024/04/فرون.jpg)
جيل «2013- 2024»
جاء فيلم «frozen2» أكثر فيلم كرتون حقق إيرادات من هذه الفترة، إذا وصلت إلي مليار و325مليون دولار، ويحكي قصة الفيلم أن تذهب كل من (آنا) و(إلسا) و(كريستوف) و(أولاف) بعيدًا في الغابة لمعرفة سر وحقيقة بخصوص لغز قديم حول مملكتهم، ويخرجون معًا جميعهم من أجل اكتشاف قوى إلسا الخارقة، ثم يليه كرتون «الفأر الطباخ Ratatouille» الذي تم إصداره عام 2007 م أكثر الأفلام الكرتونية التي حازت بشعبية كبيرة لدى الأطفال والبالغين، إذا جسد الفأر «ريمي» شخصية طباخ ماهر يسعى للتواجد في أفخم مطعم في باريس بعد أن أنفصل عن عائلته، ثم تعيين الشاب «لينجويني» في العمل واتحدا سويا من خلال تحكم «الفأر» في تحريك أعضاء جسم «لينجوني» عن طريق شعره، وحاز الفيلم على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم صور متحركة.
وحاز على المرتبة الثالثة فيلم «Finding Dory» الصادر عام 2015 م، حيث بلغ مجمل إيراداته نحو مليار و 26 مليون و337 ألف دولار، ويحكى الفيلم عن وقوع السمكة «دوري» فريسة لذكريات الطفولة، لتخرج دوري في رحلة وحيدة للعثور على عائلتها، تصل السمكة دوري لمعهد الحياة البحرية بمونتري، بينما يبحث «نيمو» مع والده عن «دوري»، تتعرف «دوري» على أخطبوط ودولفين أبيض يساعدانها على المضي قدمًا في رحلتها.
ومن الأعمال الكارتونية المصرية فيلم «الفارس والأميرة» الذي تم إصداره عام 2019 م، ويحكي قصة الفارس العربي محمد بن القاسم الثقفي الذي حرر العديد من النساء واﻷطفال من أسر قراصنة المحيط الهندي، كما يدخل في حرب ضروس ضد الملك داهر الذي كان يتقاسم الغنائم مع القراصنة، وذلك بمساعدة صديقه زياد ومعلمه أبو اﻷسود، بالإضافة المسلسل الكرتوني «زينة» وهو مسلسل رسوم متحركة يروج لمعالم سيناء ومعالمها الرائعة في إطار اجتماعي كوميدي من خلال شخصيات زينة، ابن سيناء، سالم، وجميلة وبصحبة الكلب الذكي (زعتر).
![](https://generation-zd.com/wp-content/uploads/2024/04/الطفل-والكارتون.jpeg)
تأثير الكرتون
علقت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، أن القيم والاتجاهات الأدبية والأخلاقية التي تتبنها الأعمال الكرتونية العالمية في الوقت الحالي لا تنطبق مع اتجاهات الدولة أو الأسرة المصرية على الإطلاق، مسترجعة أهمية دور الرقيب السينمائي سابقاً الذي يقوم بحذف أي مشهد أو ألفاظ لا تناسب المجتمع، وأهمية الأدوار التي يقدمها الكرتون كقدوة في المجتمع مثل: أبلة فضيلة، وماما نجوى.
وأشارت سامية خضر إلى أن الأطفال يقوموا بتقليد كل ما يرونه في الكرتون، بداية من أسلوب الحديث والألفاظ إلي أختيار مظهرهم وملابسهم، مؤكدة أنه من الصعب منع الأطفال من مشاهدته على الهواتف المحمولة بينهم وبين اصدقائهم، وأن هناك دور كبير على الدولة لإعادة الأعمال الكرتونية الجيدة للحفاظ على السلوكيات المهذبة عند الأطفال.
«تعليم الأطفال منذ الصغر كالنقش على الحجر»، قالتها سامية، معبرة عن أهمية توجيه الأطفال وبناء طرق تفكيرهم بطريقة سليمة في سن صغير، بعيداً عن سلوكيات العنف واستخدام الألفاظ البذيئة في الحديث، مشيرة أن ذلك من أساسيات نمو أجيال تخدم وطنها في المستقبل.
وذكر الدكتور وائل خفاجي، استشاري الطب النفسي، أن الأعمال الكرتونية تؤثر على الجزء المعرفى لدى الطفل وتحفز سلوكياته على عدم التواصل مع الآخرين عند قضاء وقت طويل في المشاهدة كونه شخص مستقبل فقط، وبالتالي يتأثر الطفل بالعديد من الأعراض السلبية التي تؤخر نموه العقلى مقارنة بغيره من الأطفال، مثل تأخير تعلم اللغة، أو عدم القدرة على النطق السليم والحديث مع من حوله.
وهناك بعض الأمراض النفسية لدى الأطفال يتم اكتشافها متأخراً بسبب ندرة الحديث معهم واستهلاك معظم الوقت في مشاهدة الأعمال التلفزيونية، بحسب دكتور وائل، بالإضافة أن دور الطفل هو استكشاف الأشياء من حوله ومحاولة تجربة وفهم كل شىء يقابله وكيفية استعماله حتى يتم توسيع مداركه الذهنية.
وأكد خفاجي، أن الأطفال ينجذبون بشكل كبير إلي سلوكيات العنف الموجودة في الأعمال الكرتونية، والتعامل بتلك الطرق في التعبير عن أنفسهم، فضلاً عن نفروهم من الألعاب والأنشطة الحياتية التي لا تتماشى طريقة تفكيرهم بجانب التفضيل للجلوء إلي الخيال والمشاهد الغير واقعية في الكرتون.
ونصح وائل خفاجي، أنه لا يجب أن تزيد مدة مشاهدة الأعمال الكرتونية عن نصف ساعة يومياً للأطفال، وألا تزيد عن ساعة ونصف للأشخاص البالغين حتي لا يتم إعطاء فرصة للعقل للاندماج مع الأعمال الخيالية والتأثر بها، كما أن هذا التأثير يزداد مع كثرة الاستخدام اليومي لمواقع التواصل الاجتماعي.
أوضح المؤلف بشير الديك، مؤلف كرتون «الفارس والأميرة»، أن الأعمال الكرتونية القديمة كانت شبه بدائية واستخدمت رسم بدائي لا يوجد به تحريك للشخصيات إلا عند لقطات معينة في مشاهد صغيرة من الفيلم الكرتوني، بالإضافة إلي استخدام الألوان بشكل ضعيف لا يظهر الأشياء بشكلها الواقعي، بالرغم من إنها كانت تقدم رسائل ثقافية واجتماعية قوية تعمل على تهذيب الأطفال في مرحلة نشأتهم.