ظهر مع التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العصر الحديث رياضة جديدة ليست كبقية الرياضات التي تعتمد على النشاط أو الحركة البدنية ككرة السلة أو القدم بل تعتمد على الواقع الافتراضي وأجهزة الكمبيوتر فهي الرياضة الإلكترونية التي استحوذت على اهتمام الشباب بشكل كبير ولافت علي مستوى العالم، فيقضون أغلب أوقاتهم أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية لممارسة تلك الرياضة مما يؤثر عليهم بدنياً، نفسياً وعقلياً بالسلب، فكيف يحدث ذلك التأثير على الشباب؟
في البداية قالت الدكتورة يارا عبد النبي، استشارية العلاج الطبيعي، إن قضاء اللاعب وقت طويل أمام ألعاب الفيديو والجلوس باستمرار في مكان واحد يؤدي إلى آلام في مفاصل الرقبة، أو مفاصل اليد، والظهر ويصاب بانحناء العمود الفقري، وبمرور الوقت يشعر بآلام كبيرة في أصابع اليد، والبقاء فترة طويلة في المنزل لممارسة تلك الرياضة دون التعرض للشمس يؤدي إلى نقص فيتامين «د» وهشاشة العظام وضعف المناعة.
وأضافت «عبد النبي» أن الممارسة المفرطة لتلك الرياضة تؤدي إلى زيادة الوقت الذي يقضيه الشخص في الجلوس والقليل من الحركة البدنية، مما ينتج عنها زيادة الوزن وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السمنة وأمراض القلب؛ لذلك يجب على اللاعب تحديد مدة معينة لممارسة تلك الرياضة في اليوم، وأن يقوم بعمل تمارين الكتف والرقبة وممارسة الرياضة، مع وجود نظام غذائي صحي.
ومن جانبه صرح الدكتور هشام صلاح، استشاري جراحات العيون، أن الرياضة الإلكترونية من أكثر العوامل المؤثرة على العين لأنها تجعل اللاعب يقضي وقتًا طويلًا في اللعب أمام الأجهزة الإلكترونية مما يعرضه للأشعة الضارة الصادرة من تلك الأجهزة مثل الأشعة السينية الكهرومغناطيسية والأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء التي تؤثر على عصب العين، موضحًا أن هذه الرياضة تحتاج إلى تركيز شديد مما يؤثر على صحة العين والتسبب في إجهاد واحمرار وحرقان بالعينين نتيجة جفافها والإصابة بقصر النظر، فيصبح في حاجة بعد فترة إلى ارتداء النظارة الطبية.
ولتجنب الأضرار يشير «صلاح» إلى أنه يجب على اللاعب أخذ الحذر من قضاء ساعات طويلة أمام الشاشة ،وأن ينظر إلي شيء آخر غير الشاشة لمدة لا تقل عن 10 دقائق كل ساعة؛ لكي ترمش العين ولا يحدث جفاف وأن تكون الشاشة في نفس مستوى العين؛ لكي تكون عضلات العين مسترخاة، وتوفير إضاءة مناسبة للغرفة لتكون ملائمة للعين أثناء الاستخدام.
وذكرت الدكتورة سنية فتحي، خبيرة علم الاجتماع، أن الرياضة الإلكترونية تمثل خطورة على الشباب والأطفال لأنها تعتمد بنسبة كبيرة على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين فيزيد من السلوك العدواني للاعب، ويعتقد أن المجتمع مكان أكثر عنفاً فيصبح عنيفاً مع أسرته وأصدقائه، وقد تكون وسيلة للانطوائية، الأمراض النفسية، ضعف الثقة، وانخفاض المستوى الدراسي وانعزال اللاعب عن العالم الحقيقي، بالإضافة للتوتر الاجتماعي فينشأ جيل هش اجتماعياً.
وأكد الدكتور محمد رمضان، الخبير النفسي، أن الرياضة الإلكترونية لا تعتبر نوع من الرياضات، لأن الرياضة في الأصل هي التي تعتمد على تكنيكات حركية تمد الجسم بالنشاط والحيوية والمرونة، لكن هذه الألعاب تعمل عكس ذلك، وهناك جوانب نفسية أخرى تتعلق بالأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية، أو ذاتية، أو أسرية مثل: الخلافات الأسرية فيرغب أحد الأبناء بالتهرب من حالة الشجار الدائمة بين والديه أو داخل أسرته، ويشغل نفسه في الألعاب الإلكترونية، وهناك من يعاني من اضطراب أحد أعراضه العزلة النفسية والاجتماعية، وهناك من يعاني من الرهاب الاجتماعي، أو لديه نمط شخصية انطوائية وخجولة، فيرغب تجنب التعامل مع الناس، ويفضل التعامل معهم خلف الشاشات «إلكترونياً» حتى الصداقة والحب، يفضلون نشوئه عبر الإنترنت وليس بشكل مباشر وحقيقي.
وأضاف الخبير النفسي، «وللأسف ظهور مثل هذه التقنيات كان سبباً في تعزيز هذه الاضطرابات لدى من يعانون منه، وتسبب في زيادة عددهم على مدار الخمسة عشرة أعوام في القرن الحالي، وأسباب تتعلق بسهولة الوصولية أي لا يحتاج وسيلة ليصل إلى النادي مثل الرياضات الأخرى، ولا يحتاج إلى مدرب يحدد من الذي يستحق اللعب ومن يجب عليه أن يمارس بعض التمارين حتى يكون مؤهلاً، ولا يجد أي شروط صعبة، وهنا يجد الراحة وعدم التحكم، ويمكنه اللعب طوال اليوم بل وفي أي وقت في اليوم، دون جدول معين أو مدة محددة».
وأكد «رمضان» أن للألعاب الإلكترونية آثار عديدة أولاً: شعور الإنسان بالأمان في وحدته، وتدريجياً يرى الناس مصدر قلق وخوف وعدم أمان، وهنا لو كان غير متزوج لن يتزوج وإذا كان متزوج سيبحث عن مخرج لإنهاء العلاقة حتى ينفرد بنفسه «الوضع الآمن» بالنسبة له ولن يكون قادراً على العمل، أو ممارسة حياته بشكل طبيعي، ثانيًا: نتيجة الروتين الإلكتروني، يصاب بالاكتئاب، مصحوب بنوبة قلق، لأن تصميم هذه الألعاب مبني على محاكاة الشعور والجرعات المتزايدة، والتي تعني أن الشخص لديه شعور دائم أن يُنهي المستوى الحالي شوقًا للوصول لمستوى آخر داخل اللعبة، وهنا يرغب في زيادة الجرعة بالتطلع للوصول للمستوى الذي يتلوه، وهكذا، حتى يجد نفسه تعلق باللعبة.
ونصح الخبير النفسي، الشباب بأنه قديماً يقال أنه كلما زاد شيء عن حده انقلب ضده، فلا مانع -حسب قوله- من استخدام وتجريب كل شيء ما دام غير مخالف للدين والقانون، ولكن الذي لا يسبب نفعاً أو فائدة، فعلى الشباب الاستغناء عنه، مضيفاً «لو كنت تحب هذه الألعاب لا مانع من استخدامها ولكن يجب ألا يحدث ذلك على حساب وجباتك الغذائية، أو ساعات نومك، أو عملك أو دراستك، يجب أن تمارس حياتك بشكل طبيعي وتخصص وقتاً محدداً للعب هذه الألعاب، وعندما تجد نفسك غير قادر على السيطرة بالتوقف عن اللعبة أو أنها تأتي على حياتك وعلاقاتك وصحتك، فيجب التوقف عنها فوراً».