يعتبر مجال الطيران واحدًا من أكثر المجالات جاذبية للآباء والشباب، حيث يتمتع بسحر خاص وفرص مميزة، ومع ذلك يرى البعض أن هذا المجال قد يكون مغلفًا بالاحتكار والتمييز الاجتماعي، حيث يكون الوصول إليه أكثر سهولة لأبناء الطبقات الاجتماعية الأعلى بينما يكون ممنوعًا أو صعبًا بالنسبة لأبناء الطبقة المتوسطة، والسؤال هنا هل يدرك الآباء الصعوبات المادية لهذا المجال؟ فقد يكون الوصول إلى تدريبات وشهادات في مجال الطيران تحديًا ماليًا كبيرًا قد لا يكون أولياء الأمور على دراية به؛ لذلك قمنا بالتواصل مع عدد من الآباء والأمهات للتعرف على مدى وعيهم بالتكاليف المادية لدراسة الطيران والأبواب الخلفية التي يدخلون منها لهذا المجال.
قال سيد محمد، 34 عامًا، إنه يعلم أن دراسة الطيران من الدراسات المكلفة ماديًا؛ لذلك هو يفكر من الآن في كيفية جمع مبلغ الدراسة لطفله الذي في السادسة من عمره، حيث يرى أن التفكير في هذه الأمور يفضل أن يكون في سن صغير حتى يستطيع ابنه أن يوجه حياته ومستقبله توجيهًا صحيحًا، مضيفًا أن هذه المهنة تتطلب أيضًا مؤهلات نفسية فقد قرأ قبل ذلك أن دارس الطيران يجب أن يكون غير مضطرب نفسيًا ويتميز بهدوء الأعصاب وسرعة البديهة واتخاذ القرارات، موضحًا أنه يحرص الآن على إتقان ولده للغة الإنجليزية لأنها تعتبر شرطًا أساسيًا لدراسة الطيران لأن الطيار سيتحدث مع أبراج المراقبة بواسطتها.
وأكدت كريمة رضوان، ربة منزل، عدم وجود معلومات كافية لديها حول أسعار دراسة الطيران لكن من خلال متابعتها للمجموعات الخاصة بدراسة الطيران على مواقع التواصل الاجتماعي وجدت الكثير من المنشورات التي تنص على أن الدراسة في مصر غالية جدًا والأفضل الدراسة في جنوب أفريقيا، مضيفة أنها قرأت منشورًا ينص على أنه من الممكن أن يقدم الطالب في أكاديمية ضيافة الطيران وبعد الحصول على الشهادة يتم عمل معادلة ومن ثم الالتحاق بأكاديمية الطيران المصرية بسعر منخفض، لكنها غير متأكدة من مصداقية هذه المعلومة ودقتها.
وأوضح حامد حسين، 49 سنة، أنه ليس لديه معلومات كافية عن تكلفة دراسة الطيران؛ بسبب عدم توفر المعلومات الدقيقة حول التكاليف المتعلقة بالدراسة والتدريب على الطيران، فهو لا يفهم تفاصيل هذه التكاليف؛ لذلك يبحث عن مصادر موثوقة للمعلومات من خلال متابعة الصفحات الخاصة بأكاديميات دراسة الطيران على منصات التواصل الاجتماعي؛ لإجراء مقارنة بين تكاليف الدراسة في هذه الأكاديميات لتحديد الخيار الأنسب من حيث السعر.
وأشارت نوال عبد الكريم، 45 عامًا، إلى أن دراسة الطيران متعلقة بالمقدرة المادية وتحتاج فقط إلى النقود، وتكلفة الدراسة مرتفعة وليس هناك أي أكاديمية طيران تقدم منحًا مجانية لأبناء الطبقة المتوسطة؛ لذلك تنصح ابنتها التي في العشرين من عمرها أن تعمل كمضيفة حتى تستطيع جمع النقود الكافية لدراسة الطيران من جهة وتكون بين العاملين في المجال الذي تفضله وتجمع معلومات أكثر عنه من جهة أخرى، مضيفة أنها لديها معلومات توضح أن المضيفة عندما تحصل على رخصة الطيران يكون لها الأولوية في العمل.
وذكر أحمد سعيد، 36 سنة، أن مجال الطيران ليس مخصصًا لأبناء الطبقات ذات الدخل المرتفع فقط، بل يمكن لأي شخص يتمتع بالكفاءة والمهارات اللازمة أن يدخل هذا المجال ويعمل كطيار أو في مجالات أخرى ذات صلة بالطيران، مضيفًا أنه على الرغم من أن تكلفة دراسة الطيران مرتفعة فإن هناك خيارات متاحة للحصول على دعم مالي من خلال برامج المنح الدراسية أو عمل الطالب جزئيًا أثناء الدراسة لتغطية تكاليفها، لافتًا إلى أنه من الضروري أن يكون الآباء الذين يطمحون لدراسة أبنائهم للطيران واقعيين وعلى علم بصعوبات التكاليف المادية لهذا المجال، وأن يخططوا بعناية لتوفير التكاليف المالية اللازمة لدعم أبنائهم.
وأعربت فاطمة عبد العال، 51 عامًا، عن يأسها من حصول ابنها على فرصة عمل في مجال الطيران رغم توفير مصروفات الدراسة، حيث إنها لديها معلومات عن تجربة أحد الشباب الذي ضحى بالكثير حتى تمكن من دراسة الطيران، لكنه اكتشف أن أولاد الطيارين هم الذين يتم تعيينهم ونسبة مَن يتم تعيينهم دون واسطة منخفضة جدًا، وأن خريج الطيران يختلف عن خريجي الكليات الأخرى الذين لا يدفعون مبالغ مرتفعة مثله ولديهم فرصة للعمل في أي مجال قريب من مجالهم.
وبحسب المعلن عن أكاديمية أتيس للطيران، أول أكاديمية خاصة في مصر لتعليم الطيران، فإن قيمة مصروفاتها كانت تبلغ 45 ألف و800 دولار أو ما يعادلها بالجنيه المصري في عام 2022، بينما بلغت المصروفات حوالي 50 ألف دولار في عام 2023، أي ارتفعت بنسبة 10%.
وبحسب بيان الأكاديمية المصرية لعلوم الطيران التابعة لوزارة الطيران المدني، فإن مصروفات البرنامج كانت في حدود 238000 ألف جنيه في عام 2021، وأصبحت تكلفة الدراسة بالأكاديمية في حدود 57495 دولار في عام 2023.