رغم أن فكرة الإنجاب متأصلة ومعتادة في العقل البشري منذ القدم، إلا أن ظهور الكتب و«الهاشتاجات» وتدشين التجمعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعم اللاإنجابية، الأمر الذي أدى إلى رغبة الكثير في الامتناع عن الإنجاب وتفضيل البقاء بالعزوبية ولكن من أين أتت فكرة اللاإنجابية ومتى كانت البداية؟ هذا ما سيكشفه جيل زد.
متى بدأت اللاإنجابية وإلى أين وصلت؟
من خلال الإحصائيات والمتابعات تبيّن أن مفهوم اللاإنجابية ظهر في الماضي منذ سنوات عديدة كانت بدايته في الغرب ثم انتقلت هذه الفكرة إلى الشرق الأوسط والعالم العربي وظهر ذلك من خلال كتابات بعض الفلاسفة القدماء وكان منهم الفيلسوف الألماني شوبنهاور المعروف بفلسفته التشاؤمية التي ظهرت في كتاباته فكان شوبنهاور يعتبر الأب الروحي لفكرة اللاإنجابية، وفي العالم العربي كان هناك الشاعر والفيلسوف أبو علاء المعري وظهرت في كتاباته عبارات تدعو إلى عدم الإنجاب، فأعرض عن الزواج لاعتقاده أن إنجاب الأطفال يعتبر جناية فكان أشهر هذه العبارات والتي كتبت على قبره «هذا ما جناه عليَّ أبي وما جنيتُ على أحد».
أما مصطلح اللاإنجابية لم يظهر إلا عام 2006 في كتابين الأول بعنوان «الأفضل أن لا نكون قد ولدنا على الإطلاق: أضرار المجيء إلى الوجود» للفيلسوف الأفريقي ديفيد بيناتار والثاني بعنوان «فن إعدام المتناسلين: بيان ضد الإنجاب» للفيلسوف البلجيكي ثيوفيل دي جيرود، وعام 2021 ظهرت دراسة حديثة بعنوان «ما هي اللاإنجابية» في جامعة واسيدا في اليابان وقدم الكاتب في هذه الدراسة مفهوم اللاإنجابية أنها فلسفة تعتبر أن كل البشر أو كل الكائنات العاقلة كان ينبغي أن لا تولد، ثم بدأت الفكرة في الانتشار أكثر في الفترات الماضية خاصة في العالم العربي فظهرت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تدعو إلى اللاإنجابية وتضم العديد من الأشخاص الذين يتبنون فكرة عدم الإنجاب.
الكتب وصناع المحتوى ودعم اللاإنجابية
ومن خلال الاطلاع على الكتب اتضح وجود كثير من متابعي كتب داعمة لفكرة اللإنجابية مثل كتاب «مثالب الولادة» للمؤلف إميل سيوران واشتمل هذا الكتاب على عدة فصول، مؤكدا على ارتكابه أبشع الجرائم باستثناء جريمة واحدة وهي أن يكون أباً، حيث اعتبر أن الأبوة والزواج والإنجاب هي جريمة يرتكبها الإنسان بحق نفسه والمجتمع، لأنه كان ضد التكاثر البشري، فهذا الكتاب هو الأكثر تداولاً على مواقع التواصل وبخاصة «أكس»، بالإضافة إلى كتاب «إياكم والإنجاب» للمؤلف خليل الزيود وهو مستشار أسري تربوي، نُشر هذا الكتاب في عام 2020 عن دار المعرفة، يبرز من خلاله خطورة الإنجاب في حالة عدم القدرة على تربية طفل سوي من دون تحمل للمسؤولية، لذلك فهو يطالب بالامتناع عن الإنجاب ولكن في حالة الرغبة يجب الالتزام بالنصائح التي يعرضها في ذلك الكتاب؛ لخلق جيل قادر على نهضة الأمة، وأكد الزيود من خلال هذا الكتاب الحاجة المجتمعية لإعادة وتنظيم الإنجاب والفهم الشامل لكل أبعاده، وإعادة النظر بشكل كبير وجدي في معايير تنظيم النسل والإنجاب.
وعبر رصد أشهر الصفحات والتجمعات اتضح وجود مواقع تجمع للأشخاص اللاإنجابيين مثل صفحة «تجمع اللإنجابية» على الفيسبوك التي تضم 8آلاف و400 عضو، ويتم تداول المنشورات فيما بينهم والإشارة إلى بعضهم البعض للتزاوج، بالإضافة إلى صفحة «لا إنجابي» التي تم إطلاقها عبر إكس، والتي تجمع أكثر من 5 آلاف متابع، وتعتبر من أكبر الصفحات التي تروج لعدم الإنجاب، مؤكدةً أن من ينجب طفلاً في هذه الحياة فقد شيد قبراً جديداً له وقد تم التفاعل بالتأييد على هذه التغريدة من قبل 690 شخص لا إنجابي.
وعلى الجانب الأخر ومن خلال الاطلاع على السوشيال ميديا أوضح فيصل الديسمائي، كاتب وصانع محتوى عن الصحة النفسية، عبر تغريدته على «إكس» أن معتنقي اللإنجابية أو الذين يظنون أن الإنجاب خطيئة وأن التكاثر سلوك غير أخلاقي، مثل هؤلاء من لديهم نفس الأفكار فيُعتقد أن لديهم فجوة معرفية في علم المنطق، وقد وصلت إلى 96 ألف و200 مشاهدة
Pingback: تحقيق <<جيل زد>> يكشف.. هل تسبب الظروف المجتمعية الاتجاه نحو اللاإنجابية المؤقتة – GenerationZ