غمرهم الإيمان بقدرة الإعلام على تغيير الواقع، فلم تجذبهم الأفكار التقليدية كالسفر إلى الأماكن السياحية الشهيرة لتصوير فيلم مشروع تخرجهم من قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فوقع اختيارهم على قرية معزولة يتخلى زائرها عن كل وسائل التسلية والتي من أهمها الاتصال بالإنترنت الذي أصبح من أساسيات حياة الشباب في هذا العصر، رغبةً في إحداث تغيير في حياة أهل قرية الجارة الواقعة في منطقة معزولة عن العالم لا يوجد بها إشارة لأي شبكة اتصال وتبعد عن واحة سيوة بحوالي 150 كيلو متر.
في البداية لم يكن لدى فريق عمل مشروع «ج مربوطة» فكرة محددة وكانوا يبحثون على المواقع الصحفية بهدف الوصول إلى فكرة غير تقليدية ولم يكن هذا سهلًا، لكن أثناء تصفح أحد هذه المواقع وجدوا خبرًا بين الكثير من الأخبار ينص على وجود قرية في مصر تسمى «الجارة» معزولة عن العالم لا يوجد بها شبكة اتصال بالهواتف المحمولة أو الإنترنت، وعندما طرحوها على مشرفة المشروع أشادت بها ولكن كان تنفيذ الفكرة صعبًا بسبب وقوع هذه القرية في مكان بعيد كما أنها ستتكلف نفقات عالية، فقرروا العمل عليها وتسليم الأمر إلى الله فهو خير معين.
وبدأ هؤلاء الطلاب البحث عن المجموعات الخاصة بقرية الجارة والمناطق القريبة منها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال الانضمام إلى هذه المجموعات تمكنوا من التواصل مع أفراد تساعدهم في الوصول إلى القرية وتخبرهم عن الأماكن والأشياء المتاح تصويرها هناك، وبعدما تمكنوا من التواصل مع شيخ القبيلة ذهب سبعة أفراد منهم إلى سيوة للإقامة فيها أثناء فترة تصوير الفيلم فكانوا يستيقظون صباحًا للذهاب للتصوير في «الجارة» ويعودون مساءً إلى سيوة؛ حيث إن التصوير هناك لم يكن متاحًا على الدوام بل كان محدد بعدد بساعات معين فكانوا يضطرون إلى الاستيقاظ مبكرًا حتى يتمكنوا من التصوير والعودة قبل السادسة مساءً.
وبسبب رفض الكلية اصطحاب الكاميرات الخاصة بها إلى القرية اضطر فريق العمل إلى التصوير بالهواتف المحمولة التي التقطت كاميراتها الأزمات والمشكلات التي يعاني منها أهل «الجارة» الذين لا يتجاوزون الـ 800 فرد ولا يملكون سوى مدرسة واحدة تُدرس حتى المرحلة الإعدادية التي يقف عندها تعليم أغلب أهل القرية وبعدها تبدأ حياتهم في الزراعة، كما أن وسيلة التواصل الوحيدة هناك هي «سنترال» يحتوي على خط تليفون أرضي واحد يستخدمه أهالي القرية في حالات الطوارئ، ورغم افتقار تلك القرية للاحتياجات الأساسية إلا أن أهلها متمسكون بالعيش بها راضون عن حياتهم داخلها، مترابطون فيها ويكرمون الضيف الذي يصل إليهم، ولهم عادة مميزة وهي عند وصول ضيف مهم للقرية يقومون بذبح نخلة وإخراج قلبها، ثم يقطعونها كأنهم يذبحون أضحية لأن النخل هو أغلى ما لديهم وهو مصدر رزقهم.
وبعد تصوير الفيلم عالج هؤلاء الطلاب الموضوع بصورة توضح أن هذه قرية الجارة في الماضي فيا تُرى إذا تم عرض زيارة على مشاهِد الفيلم إلى قرية الجارة، هل سيفضل الذهاب إليها؟ وتم الوصول إلى نهاية مفتوحة للفيلم، وبعد عرضه في مهرجان مشروعات تخرج قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والتقديم به في مسابقات، تواصل مع فريق العمل أحد سكان هذه القرية وأبلغهم بأنه قد تم توصيل مياه وشبكة وإدخال وحدة إسعاف إليهم.
وعن الطريقة التي استطاعوا بها إيصال صوت القرية، ذكرت رضوى محمد، إحدى طالبات المشروع، أنهم كانوا يتحدثون عنها في كل مكان سواء في الواقع أو بمشاركة منشورات عنها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة فقد قاموا بإنشاء صفحات على منصات التواصل لإعلام المتابعين بآخر أخبار القرية والتفاصيل التي وجودها أثناء رحلتهم إليها، وكذلك مشاركة الجمهور المشكلات التي واجهت فريق العمل هناك بسبب نقص الموارد وتعرض الكثير من المواد المصورة للتلف مما سبب تأخيرًا في التصوير، وبعد التقديم بالفيلم في مهرجانات سيوة أصبح الموضوع أكثر انتشارًا ولم تعد القرية المعزولة بلا شبكة أو ماء، وأرسل إليهم سكانها عبارات الشكر والامتنان.