«جيل زد» يكشف.. هل تسبب الظروف المجتمعية الاتجاه نحو اللاإنجابية المؤقتة

صورة أرشيفية

لا طالما كان الإنجاب دافع وغريزة داخل كل إنسان، وغاية يسعى للحصول عليها، فهي وسيلة لاستمرار الحياة البشرية، فالأطفال من نعم الله علينا، هم الأمل الذي من خلاله نرسم أحلامنا وفي قول الله تعالى «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»، وبجانب الرفض المطلق للإنجاب، يوجد جانب آخر يفضل تأجيل الإنجاب لفترة مؤقتة بسبب الظروف المجتمعية المختلفة، وفي هذا التحقيق سنتعرف على وجهات نظر هؤلاء والظروف التي دفعتهم لتبني هذه الفكرة مؤقتًا.

ذكر يحيى حسن، من محافظة أسوان، أنه من داعمين الفكر اللاإنجابي بسبب سوء الظروف المادية التي من شأنها ستتسبب في ظُلم الأطفال، كما أنه لم يُعد نفسه ثقافيًا، لجعل طفله إنسانًا سويًا؛ حيث إنه يرى أن تربية الطفل ليست مقصورة على المال فقط بل العامل النفسي والثقافي يلعبان دورا هاما في تشكيل هوية الطفل وجعله ذو قيمة في المجتمع، بجانب تقديم التقبل والحب له، وهذا يحتاج وعى تربوي من الأهل، مضيفًا أنه لا يمانع في الحصول على الأطفال فيما بعد، لكنه مهتم حاليا بإعداد نفسة ماديا وثقافيا لذلك حصل على العديد من الدورات في مجال التنمية البشرية، إلى جانب تخرجه من كلية دراسات إسلامية جامعة الأزهر الشريف.

وقال خالد محمود، ابن محافظة الجيزة، إنه لا يمانع الحصول على الأطفال، بل يحبهم، ولكن بسبب الظروف المادية قرر هو وزوجته الاكتفاء بطفل واحد حتى تتحسن ظروف المعيشة، فهو يدعم الفكر اللانجابي في حال عدم وجود ظروف مناسبة للطفل، بجانب المستوى الثقافي، موضحا أن هذا قرار مشترك بينه وبين زوجته، فهم متفرغين حاليا لتربية طفلهم مازن صاحب الأربعة أعوام، مضيفًا أن زوجته ترى أن تربية الأطفال لا تتوقف على المال، والثقافة فقط، بل تحتاج للوقت والجهد، فهم يهدفوا لجعل طفلهم إنسانًا سويًا، موضحًا أنه يتجنب الخلاف أمامه.

بينما ذكر مصطفى أحمد، من محافظة سوهاج، أنه تبنى الفكر اللإنجابى بسبب انفصاله عن زوجته، وأخذها حضانة الأطفال منه، مضيفًا أنه امتنع عن رؤية أطفاله بسبب سفر زوجته للقاهرة، وعدم تفضيله إرهاق أطفاله في محاكم الرؤية، فالقانون المصري أعطى حق رؤية الأب لأطفاله 3ساعات في الأسبوع الواحد في مكان عام.

سوء الظروف المادية عامل لتعزيز فكرة اللا إنجابية المؤقتة أحيانا

في حين صرح محمد أحمد، من محافظة أسيوط، أنه هو ، وزوجته لا إنجابيين بشكل مؤقت، فإنهم ليسوا ضد الإنجاب بشكل عام لكنهم مع اللاإنجابية المؤقتة، وذلك حتى يتمكن الزوجان من الاعتياد على بعضهم البعض، ومعرفة طباعهم المختلفة، وحتى يتأكدوا من أنهم يريدون أن يُكملوا حياتهم سويا تفاديا لحدوث الطلاق، وظلم الطفل الذي سيجلبونه في حالة حدوث ذلك، بالإضافة إلى أنهم مشغولون الآن بتكوين مستقبلهم، وبناء حياتهم العملية، لذا يفضلون تأجيل الإنجاب حتى يكونوا مؤهلين للخطوة، كما أنهم يروا أنه نظرًا لصعوبة الظروف الاقتصادية الحالية يجب أن يتم تأجيل فكرة الإنجاب حتى يكونوا قادرين ماديا على توفير حياة كريمة للطفل، فيجب أن يكون الطرفين مستعدين نفسيا وماديا، ويجب أن يكونوا قادرين على تحمل مسئولية الطفل، لذا هم يرون اللاإنجابية بشكل مؤقت هو الحل الأمثل لكي يكونوا مؤهلين، ومستعدين للإنجاب، وتنشئة طفل ينعم بحياة صحية، هادئة، وآمنة.                                                                                                         

وأشارت شابة لا إنجابية، من محافظة القاهرة، إلى أنها لا تريد أن تجلب طفل يتعذب في هذه الحياة، وأنها ترى أن فكرة غريزة الأمومة عند كل السيدات هي فكرة غير صحيحة، فهي تؤكد أنها ليست لديها غريزة الأمومة، ولا تريد الإنجاب بسبب معاناة الأطفال في الحياة، مثل الأطفال في الملاجئ، مضيفةً أنها في حياتها رأت أطفال تموت من قلة الغذاء، والدواء، وأطفال يتم إهمالهم بسبب طلاق أبويهم، أو معاناة الأطفال بسبب فقر الأبوين، مؤكدةً أن المبرر الذي يحركها لتبني فكرة اللاإنجابية هو الخوف، لأنها لا تضمن أن الطفل سيعيش في الدنيا دون معاناة، مؤكدةً مخاوفها من المستقبل، فهي لا تضمن أنه لن يوجد شيء سيء يحدث لطفلها، وهي تري أن الفكر المنتشر بين الناس حول إنجاب الطرفين لطفل يرعاهم، ويكون ونس لهم عندما يتقدمون في السن، فكر أناني، و خاطئ، ذاكرة أنها ربما أن تغير رأيها إذا تأكدت أنها ستوفر لابنها حياة كريمة، وإذا تأكدت أن الطفل الذي ستنجبه سيعيش في أمان، ولن يتعذب في الحياة.                                                                          

شابة أخرى لا إنجابية، من محافظة الجيزة، تقول إنها قررت أن تكون لا إنجابية بشكل مؤقت لأنها تعرضت لعنف في طفولتها كثير جدا، فقررت أنها لا تريد التسرع في إنجاب طفل يتعرض لمعاناة مثل هذه، ويعيش في مجتمع قاسٍ، ومتنمر، أي أن قرارها يأتي بسبب العنف في البيت، والشارع، فهي لا تريد أن تجلب طفل يتعذب في الحياة، لذا ستحرص على أن تختار شريك مناسب، وتنتظر حتى تتأكد من طباعه، ومن أنهما معا سيتمكنا من توفير حياة آمنة للطفل بعيدة عن أي عنف جسدي، أو أي نوع من أنواع العنف الذي سبق ذكره، وتعرضت له من والدها، ضاربةً مثالا على الأطفال الذين يموتون في غزة الآن، وأن هذا دليل على أن فكرة الإنجاب قد تكون ظلم للأطفال لأن الدنيا مليئة بالصراعات والحروب القاسية. 

Scroll to Top