غنى حسين الجسمي «رمضان في مصر حاجة تانية» لإعلان أورنج برمضان 2021، إعلان لمس كل القلوب، وانتشر في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي سخرية بين الشباب حول هذا الموضوع، وأن من أمنياتهم أن يأتي رمضان المقبل وهم بخارج مصر، ويحلمون بالسفر بأي شكل مهما كانت العواقب، فكان السؤال هنا هل رمضان في مصر حاجة تانية بالفعل؟ وماذا يشعر الشباب الذين حققوا أحلامهم بالسفر؟هل هم الآن يشعرون بالروحانيات الرمضانية؟ هذا ما سنتطرق إليه بالسطور التالية..
يقول مصطفى حسن، 26عامًا، مقيم بألمانيا للعمل، إنه لا يوجد بالنسبة للمغترب أنشطة رمضانية ظاهرة كما يوجد بمصر باستثناء الصلاة في المسجد، فهو المكان الوحيد الذي يلجأ إليه ليحاول أن يشعر بروحانيات رمضان، وبالمسجد يوجد العديد من الأنشطة التي تساعد قليلًا بالشعور بدفء رمضان، مثل صلاة التراويح، الإفطار الجماعي، وعمل الخير، ولكنه يركز على أنه لا يوجد شعور بالروحانيات الرمضانية بشكل قوي بالغربة، لأن ما يعطي لرمضان جو مميز في مصر هم الناس والشوارع التي يتم تزيينها احتفالًا بقدومه، ولذلك تكون الأجواء مبهجة ورائحة رمضان بكل مكان، ولا تبحث عنها في الوجوه أو المسجد كما يحدث مع المغترب.
وأضاف متأثر أن أول رمضان له بعيدًا عن أهله كان في غاية الصعوبة، ولكن مع الوقت الإنسان يحاول أن يكون على قدر من القوة ويألف الموقف قليلًا، ولكن لا يمنع ذلك، أن قدوم رمضان يشعره بالغربة أكثر من أي وقتًا آخر، وأشار قائلًا: «أفتقد لجو العائلة وتجمعهم على الفطار، اللحظة دي بالدنيا وما فيها».
وأشار إبراهيم الداعوري، 26 سنة، إلى أنه سافر للأمارات للعمل بسبب عدم استقرار الأحوال الاقتصادية معه بمصر، وأنه لا يوجد بشكل صريح رمضان خارج مصر، فمن تجربته الشخصية، فهو يفطر بالعمل فلا يكون هناك تجمعًا كبيرًا على الإفطار خاصة أن أغلب العاملين معه من دول الهند وباكستان وفلبين وأغلبهم غير مسلمين ، وأنه لا يقوم بأي أنشطة يستطيع من خلالها أن يشعر بالأجواء الرمضانية لطبيعة لانشغاله بالعمل لوقت كثير، وأنه من وجهة نظرة لا يوجد ما يستطيع أن يعوض افتقاده لعائلته خاصة في الشهر الكريم.
وقال حازم سيد، يعمل أستاذ مساعد بكلية الزراعة جامعة القاهرة، ويدرس للحصول على درجة الدكتوراه بالصين، «إنه لا يوجد بالصين تقريبًا أجواء خاصة برمضان، لأنها دولة غير مرتبطة بفكرة الأديان بدرجة كبيرة لكننا نجتمع معًا مسلمين وعرب من زملاء الجامعة على الإفطار ونقوم بوضع زينه فنحاول أن نقوم ولو بجزء صغير من هذه الأجواء الرمضانية بأنفسنا، ولكننا أيضًا لا نقوم بذلك طوال الوقت بسبب العمل بالمعمل على الأبحاث المختلفة وانشغالنا بالدراسة، وهذا لا يوجد بمصر فإذ انشغل أحد عن التزيين أو غيره من الأجواء الرمضانية غيره سيقوم بذلك»، وأضاف أنه سافر للصين منذ سنتين وهو لا يعتبر وقتًا طويل لكن برمضان على وجه التحديد يشعر بالغربة وفقدان العائلة على وجه الخصوص، وهذا لا يتم عادة مع أصدقائي بسبب اختلاف الأوقات والانشغالات من شخص لآخر.
وتابع حازم: أشعر أن الصينيين يشعرون بالانبهار لأي عادة تختلف عن ثقافتهم فهم مختلفون عن العرب تمامًا، وعندما يجدون مجتمعين على سفرة الإفطار يعجبون بشكل كبير بهذه الأفكار لأن هذا غير مألوف بالنسبة لهم فإذا تجمعوا للذهاب للأكل مثلا لا يوجد لديهم ثقافة العزائم بل كل شخص يقوم بشراء طعامه الخاص، ويسألون كثيرًا عن معنى الصيام والشعائر التي يقومون بها، والأسئلة تكون لاستغراب هذه العادات.
وذكرت الدكتورة نادين حسني، تقيم في الإمارات للعمل، أن رمضان بالإمارات غير مختلف عن مصر بشكل كبير، خاصة أنها بلد مسلمة ويوجد معها مصريون كثير بالبلد، لذلك فهو ليس مختلفًا بشكل كبير من وجهة نظرها وتجربتها الشخصية خاصة أنها مع أسرتها فيساعدها ذلك على عدم الشعور بالغربة بشكل كبير، فهي متزوجة وتعيش مع زوجها وأبنها بالإمارات، ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي تساعدها على التواصل مع عائلتها بشكل بسيط.
وكانت رحلة عائشة ناصر، صاحبة الـ21، لدراسة الهندسة بتركيا، مليئة بمشاعر الحزن فعبرت بذلك قائلة «قبل رمضان بيوم اتصلت بأهلي وقعدت أعيط علشان أنا مش مستوعبه الموضوع ومفيش أي حاجة هنا تصبر الواحد غير حلمه»، فوصفت أنه على الرغم من كونها في بلد مسلمة لكنها لا ترى فيهم الأمن ولا ترى شعائر الإسلام في البلد، وأن هذا هو أول رمضان يريد أن ينقضي بأسرع وقت.