شهدت منظومة التعليم في مصر متغيرات واسعة لبناء دولة حديثة وعصرية، يتمتع طلابها بالمعارف المتعددة والقدرات التي تجعلهم رواد العمل في المجالات المختلفة في المستقبل، ومن هنا عملت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على التركيز على أهمية التعلم ليس من ناحية الحفظ والتلقين فقط، إنما بتطوير مهاراتهم الذهنية والعملية أيضاً، كما تساعد الطلاب المصريين على المنافسة مع الجامعات العالمية من خلال إنتاج المشاريع الحديثة والمتطورة والتنافس بها في مسابقات عالمية، وذلك مثل مسابقة «Minesweepers» الذي حصل عدد من طلاب كلية هندسة بالجامعة المصرية اليابانية على المركز الثاني فيها من خلال إنتاجهم جهاز للكشف عن الألغام في المناطق الصحراوية، وذلك بعد منافستهم مع فرق بالجامعات العالمية المختلفة.
وتعد مسابقة «Minesweepers» من أكبر المسابقات العالمية التي تتنافس ععد كبير من الجامعات في مختلف دول العالم، والتي تم إقامة النسخة الأخيرة منها العام الماضي في منطقة العالميين الجديدة في مصر، وتهدف المسابقة إلي عمل روبوتات إلكترونية تقوم بمسح منطقة جغرافية معينة، وتصميم خريطة بالأماكن التي تحتوى على الألغام المعدنية في هذه المنطقة، وجاءت فكرة المسابقة نتيجة وجود كثير من المناطق المليئة بالألغام وهي آثر بقايا الحرب العالمية الثانية في مصر وغيرها من دول العالم، فضلاً عن احتفاظ المملكة البريطانية بتلك الخرائط وتساوم عليها بمبالغ مالية كبيرة ويروح على أثرها الكثير من الضحايا على مستوى العالم، يبلغ عددهم حوالى 50000 شخص سنويا، وفقاً للمجلة العلمية الخاصة بالجامعة المصرية اليابانية.
قال عبد العزيز عصام، أحد أعضاء الفريق القائم على عمل مشروع إنشاء روبوت للكشف عن الألغام، إنه تم اختيار أعضاء الفريق المكون من 10 طلاب من نادي الروبوتات التابع للجامعة المصرية اليابانية بالإسكندرية، وهو المسئول عن إنتاج الروبوتات داخل الجامعة، موضحاً أنهم اعتمدوا في تصميمهم للجهاز على رسم خريطة توضح أماكن الألغام في منطقة معينة من خلال جعل الروبوت يحسب المسافة بين نقطة التحرك الأولى له والنقطة التي استشعر باللغم فيها عند بقعة معينة في الأرض، سواء كان ذلك اللغم فوق الأرض أو أسفلها، ويستمر في التقاط أماكن الألغام في المنطقة بأكملها، بالإضافة إلي تحديد الشكل الهندسي لكل لغم ورسمه بالخريطة المتواجدة داخل الجهاز.
وضح الطالب عبد العزيز، أن جهاز كشف الألغام الذي قاموا بتصميمه يتميز بقدرته على معرفة شكل اللغم وتحديد مكانه سواء كان فوق أو أسفل الارض، إذ أن الأجهزة التي تم اختراعها سابقاً لم تستطع تحديد شكل اللغم إذا كان أسفل الأرض، شارحاً ذلك بأنه تم وضع كاميرا أسفل الجهاز الحساس الذي يلتقط أماكن الألغام لتصوير اللغم إذا كان يوجد فوق الأرض، بالإضافة إلي عمل برنامج بالذكاء الاصطناعي يحتوى على العديد من أشكال الألغام المختلفة والمتعارف عليها وتزويد الكاميرا به، لمعرفة شكل اللغم المتواجد أسفل الأرض عند استشعار الروبوت لمكعبات المعدن المتلغمة، مضيفاً أنهم استبدلوا فكرة اليد الاصطناعية المتصلة بالروبوت لسحب الألغام من الأرض بوضع أكثر من مغناطيس في ذراع الروبوت لجذب الألغام المعدنية المختلفة.
أضاف قائد المشروع، أنهم جعلوا الروبوت يعطي إشارات مرئية توضح مدى قرب المغناطيس من اللغم المقابل له، إذ عند ظهور خط أخضر في الجهاز المتحكم بحركة الروبوت على بعد، فهذا يعني أن المغناطيس يوجد على أقصى درجة اقتراب ممكنة من اللغم، وذلك لتسهيل المهمة على الشخص المسئول عن الجهاز المتحكم بالروبوت على بعد في اصطياده للالغام سريعاً دون تجريب تلك العملية أكثر من مرة بشكل عشوائي حتى يتم جذب اللغم، فضلاً عن استخدام لغات برمجة متطورة تساعد جميع الأدوات الكهربائية الخاصة بالروبوت على التواصل بشكل أسهل.
أهم الصعوبات خلال تصنيع الروبوت
أشار عصام، إلى أنه من أهم الصعوبات التي واجهت الفريق هي تفاجئهم في اليوم الأول لعرض مشاريع المتسابقين على حكام المسابقة بوجود نوعين من الأرض التي يتم تجريب الروبوتات عليهما أحدهما أرضية نجيلة، والأخرى أرض رملية ناعمة، وهو ما يحتاج لنوع عجلات مختلف لكل أرضية على حدة، موضحاً أن الروبوت كان يغرس في الأرض الرملية وفقد قدرته على أداء وظيفته الأساسية، استكشاف الألغام، بسبب عدم التحرك السليم، مما قاد الفريق إلي تقديم شكوى إلي القائمين على المسابقة موضحين علمهم أنه ستكون أرضية المسابقة نجيلة فقط، وطالبوا بإعطاءهم فرصة أخرى لعرض الروبوت على الأرض المناسبة له، وهو ما وافقت عليه لجنة المسابقة وتقديم الفرصة لهم في اليوم الثاني من المسابقة.
تابع عبد العزيز عصام، أن الفريق حاول استيعاب الموقف الحرج في المسابقة وإعادة تصنيع ميكانيزم عجلات الروبوت لتزيد من قدرتها للسير على الأرض الرملية، متوقعين موافقة لجنة المسابقة على إعطاءهم فرصة أخرى، إذ قاموا بوضع جنازير ملفوفة حول عجلات الروبوت، بحيث يضمن تعريج العجلات من الخارج عدم غرس الجهاز في الأرض واستمراره في السير، فضلاً عن تعبير الدكاترة المتخصصين والمحكمين على المشاريع عن تفوق الفريق من خلال العرض التقديمي لخطة تصميم جهاز الكشف عن الألغام والتقنيات الحديثة التي تم إضافتها للروبوت، مما جعلهم ضمن الفرق التي تصدرت المراكز الأولى مقارنة بمنافسيها حتى قبل الانتهاء من العرض الفعلي لتشغيل الروبوت.