أساتذة علم النفس: الصدمات العاطفية قد تؤدي للانهيار النفسي لـ «جيل زد»
يعاني كثير من شباب جيل زد من عدم القدرة على حل مشاكلهم وتفاقمها تدريجياً، وتزايد القلق والتوتر الذي يؤثر على صحتهم الجسدية والعاطفية بشكل كبير، نتيجة عدم القدرة على التأقلم مع التغيرات الجديدة بشكل فعال سواء كانت بسبب مواقف داخل العمل، أو مواقف حياتية في نطاق الدائرة الاجتماعية المحيطة بالشخص سواء الأسرة أو الأصدقاء أو زملاء العمل، وبالتالي تتراكم مجموعة من المشاعر السلبية والأفكار المشتتة التي لا يستطيع الشخص السيطرة عليها، ومن ثم يمكن أن يصل الشخص إلى حالة الانهيار النفسي والعصبي إذا لم يتمكن من التعامل مع الأزمة أو عدم احتواء الأشخاص المحيطين به لحالته وتهدئة الموقف.
أوضح الدكتور أنور حجاب، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن مرحلة الانهيار النفسي ليست المرحلة النهائية التي يصل إليها كل شخص عند مواجهة الصدمات، بل يكون بناء وتكوين شخصية الفرد من البداية له دور كبير في التعامل مع المواقف الحياتية المختلفة، مشيراً إلى أن أهم الأساسيات التي يقوم عليها الاتزان النفسي للفرد هي علاقته مع الله ومدى ارتباطه وإيمانه بالدين المنتمي له، حيث إن هناك العديد من الآراء والأفكار المنتشرة في تفسير الدين وتحريفه والتشكيك فيه، والتي تجعل الإنسان غير متزن وغير قادر على صد تلك الأقاويل، مما يجعله غير قادر على حل المشكلات التي يواجهها في حياته، فضلاً عن الأسرة التي لها دور أساسي ومهم في تأسيس وتعليم الأطفال الأسس الدينية السليمة من الصغر حتى يتكون عندهم خلفية دينية ثابتة تجعلهم أشخاص أسوياء.
وأشار أنور حجاب، إلى أن المواقف التي يتعرض لها الشخص في حياته تبين مدى إيمانه بتعاليمه الدينية التي نشأ عليها، ومنها التعرض لإحدى المشكلات في العمل التي أدت إلى فقدانه لوظيفته، ويمكن تكرار نفس المشكلة في مكان عمل آخر، فإن الشخص ذات بيان النفس القوية يسعى وراء حلمه حتى يصل إلى الهدف الذي يرضيه واثقاً من تدبير الله لحياته ومستقبله، لكن الشخص المتذبذب نفسياً يكون أكثر عرضة للعديد من الاضطرابات النفسية الشديدة.
الصدمات العاطفية قد تؤدي للانهيار النفسي
وأضاف دكتور علم النفس، أن العامل الثاني الذي يؤثر على الاتزان النفسي للشخص هو الصدمات العاطفية والتي تتمثل في عدم القدرة على التحكم في المشاعر، وإقبال الشخص على إتخاذ قرارات انفعالية وسريعة دون فهم الموقف جيداً والتمعن في تفاصيله، وبالتالي يتسبب في حدوث أزمة تفقده اتزانه النفسي، ومن ثم يمكن أن تصل الأزمة به إلى الانهيار النفسي إذا لم يستطع التعامل معها، ضارباً مثال على تسرع الشباب في اتخاذ قرار بناء علاقة عاطفية مع الجنس الآخر بعد التخرج من الجامعة مباشرة دون النظر إلى المسئوليات الجديدة التي يجب تحملها والالتزام بها، أو إلى الإمكانيات المادية التي يجب توافرها لبناء علاقة زوجية وأسرية مستقرة، وعندما يصطدم بالواقع الصعب يتعرض إلى اضطراب نفسي.
وتابع أنور حجاب، أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر على العلاقات الاجتماعية للفرد الذي اعتاد على قضاء معظم وقته في التسلية عليها، وتظهر تداعيات هذا التأثير عند إجبار الشخص على الانخراط مع مجموعة أفراد في بيئة العمل، أو العمل الجماعي خلال دراسته الجامعية، إذ إن تكوين شخصية الفرد من الصغر تكون مسئولية الأسرة ومناقشتها معه وتدريبه على بناء علاقات سوية مع أصدقائه ليكون لديه مهارات تواصل قوية يقوم بتعزيزها عند تفاعله مع الأشخاص في العمل أو الجامعة تدعمه في خطواته الدراسية والمهنية الناجحة، لكن الشخص المنعزل اجتماعياً وراء شاشات الأجهزة الإلكترونية يتعرض لاهتزاز نفسي وقلة الثقة بالنفس والشعور بالتوتر عند التعامل المباشر مع الآخرين.
أعراض مرض الانهيار النفسي
وحول ما يتعلق بأعراض الانهيار النفسي التي تظهر على الفرد، أكد حجاب، أن العلامات البدائية التي تظهر على الشخص المراهق تتمثل في تزايد درجة القلق لديه مقارنة بأصدقائه المماثلين له في السن، وعدم القدرة على إنجاز المهام المطلوبة منه نتيجة التوتر وعدم الصبر على الانتهاء من واجباته الدراسية، كما يمكن أن يظهر الاضطراب النفسي للمراهق من خلال الامتناع عن الطعام لفترات طويلة وفقدان الوزن الطبيعي بشكل ملحوظ أو التشبث بالرأي الخاطئ والمكابرة في تنفيذ ما يريده بعد تقديم جميع النصائح، مضيفاً أن عدم قدرة الأسرة على معرفة السبب الحقيقي وراء تغيرات تلك التصرفات يمكن أن تتحول الأعراض إلى مرض نفسي يحتاج لتدخل طبي لمعالجته، أو يؤدي إلى الانحراف السلوكي للشخص.
استطرق الدكتور أنور، إلى انتشار اضطراب الشخصية المازوقية بين شباب الجيل الحالي، وهو الشخص الذي يحاول إيذاء نفسه بطرق مختلفة حتى يتعاطف معه الأشخاص المحيطين به، إذ يمكن أن يقوم الشخص بجرح أحد ذراعيه أو قدميه، أو والتصنع بأنه يمر بإحدى نوبات الهلع، كمحاولة إلى لفت أنظار من حوله له ليتسارع الناس على إنقاذه ومساعدته على حل مشكلاته وتخطيها، موضحاً أن هذا النوع من الاضطراب النفسي لا يمكن معالجته إلا باللجوء إلى الطبيب النفسي أو حجز المريض بأحد المراكز لعلاج الامراض النفسية على حسب تشخيص الحالة.
وقال الدكتور أنور، إن من أهم الأعراض التي تظهر على الشخص المضطرب نفسياً ويعاني من الانهيار النفسي هو التشكيك في قدرته على تنفيذ المهام المطلوبة منه على أكمل وجه، حتى وإن كانت المهام الروتينية المعتاد القيام بها، بالإضافة إلى وضوح قلة ثقة الشخص بنفسه بشكل مبالغ فيه، وكثرة الشكوى من الضغوطات والأعباء التي يجب عليه الالتزام بها، والتفكير في العواقب السلبية التي تنتج عن عدم الانتهاء من المهام والواجبات التي يجب تنفيذها، مشيراً إلى أن هذا الشخص يحتاج إلى تنظيم المهام المطلوب تنفيذها وتحديد الوقت المناسب لكل مهمة، والبعد عن التشتت والأفكار السلبية التي تعمل على تعطيله.