منذ السابع من أكتوبر في العام الماضي يعيش قطاع غزة حالة من الزعر تحت القصف الإسرائيلي، يعلى في المخيمات أصوات صريخ الأطفال والنساء الذين يتم استهدافهم يومياً، ويهجرون منازلهم خوفاً من القتل إلى الشوارع والسير الآلاف الكيلومترات على قدميهم نحو جنوب قطاع غزة بلا مأوى، وبرغم استمرار تلك المجازر لعدة أشهر، إلا أن الشباب لم يتجاهلوا دعم القضية الفلسطينية أو يتغافلوا عن متابعة الأحداث الواقعة في غزة، وقد ظهر اهتمام جيل زد بتمسكهم بدعم القضية من خلال إقبالهم على رسم علم فلسطين على وجوههم داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، واستمرار مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي وتوزيع الأوراق المطبوعة تتضمن المنتجات المصرية في مقاطعة المنتجات الأجنبية الأخرى، بالإضافة إلى مظاهر دعم القضية الفلسطينية الأخرى التي رصدها «جيل زد» داخل المعرض في هذا التقرير.
قال خالد أحمد، ١٥ سنة، أحد زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب، إنه رسم علم فلسطين على وجهه ضمن الفاعليات المقدمة داخل المعرض، لأنه يدعم القضية الفلسطينية بشكل دائم، ويفضل المشاركة في الأشياء البسيطة التي تساعد على تذكر القضية والمساندة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من الجرائم الوحشية وسقوط مئات الشهداء يومياً على يد الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن حرصه على تقديم المساعدة للفلسطينيين مباشرة من خلال التبرع بمبلغ مالي من حين لآخر يدخره من مصرفه الشخصي ويعطيه للمؤسسات التي يتأكد من إمكانياتها لتوصيل تلك المساعدات في غزة موضحاً أن أسرته تقوم بتشجيعه هو وأخوته على ذلك منذ شهر أكتوبر الماضي.
وأشارت والدة خالد، إلى أنها تحاول شرح حول ما يحدث في الدولة الفلسطينية لأولادها كثيراً مع توضيح سبب دعم فلسطين ليست لأنها مجرد قضية إنسانية أو تعاطف مع شعبه بسبب الارتكابات التي يقوم بها جيش الاحتلال في حقهم، إنما تمس عقيدة دينية مرتبطة بأهمية المسجد الأقصى ومكانته العظيمة وفقاً للشريعة الإسلامية، حيث أن ما يتعرض الفلسطينيين له من إبادة جماعية وتهجير وفقد عائلات بأكملها نتيجة القصف الإسرائيلي هي أحداث مؤلمة وتؤثر على جميع الناس، لكن القضية الأساسية هي الالتزام بعقيدة دينية والإيمان بها، مضيفة أنها قامت بمقاطعة جميع المنتجات الداعمة لوجود الكيان الصهيوني ودعمه مالياً، واستبدالها بالمنتجات المصرية بقدر المستطاع مع الاستمرار على هذا منذ حدوث عملية طوفان الأقصى.
جيل زد يتضامن مع القضية الفلسطينية في معرض الكتاب
وعبرت فاطمة السيد، ٢٠سنة، عن فرحتها من وجود أشخاص داعمين للقضية الفلسطينية داخل معرض الكتاب، خاصة مع تقديم خدمة رسم علم فلسطين لزوار المعرض مجاناً كدعوة لمشاركة الناس في دعم الشعب الفلسطيني وتذكيرهم بالأحداث الواقعة في غزة التي مر عليها شهور، كما أنها فضلت رسم العلم على وجهها لأنه رمز للفخر بالانتماء إلي روح القضية العربية الأهم في منطقة الشرق الأوسط أمام الآلاف من الناس الزائرة للمعرض.
واستطردت فاطمة عز الدين، ٢٣ سنة، أحد زوار معرض الكتاب، بأن هناك العديد من دور النشر في المعرض يلقون اهتمام زائد لعرض الكتب المتعلقة بالقضية الفلسطينية والتاريخ اليهودي في القدس أكثر من السنوات الماضية، كما بعض الهدايا التي تقدمها دار النشر للزوار تتمثل في مشغولات خشبية منقوش عليها العديد من الرسومات كخريطة فلسطين ومكتوب عليها “فلسطين حرة” وشكل المسجد الأقصى، وشكل الأعشاب الورقية الخضراء ونصف بطيخة كعلامة لعلم فلسطين ومكتوب عليها “غزة”، وغيرها، “أنا فررت أرتدي شال فلسطين اليوم عند مجيء معرض الكتاب كدعم للقضية الفلسطينية، وتفاجئت أن في ناس بتوزع مدونات صغيرة مرسوم عليها علم فلسطين وأعطوني واحدة”.
وأوضحت وفاء أحمد، أحد القائمين على الفاعليات والأنشطة الخاصة بفلسطين في معرض الكتاب، أنها تحاول زيادة الوعي وفهم الأحداث التي تجري في غزة لدى الناس، وتشجيعهم على الاستمرار في مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل واستبدالها بالمنتج المحلي، وعدم التوقف عن الحديث على المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وحقهم في الاستقلال والسيادة على أرضهم، وذلك من خلال الأنشطة الترفيهية مع الأطفال داخل المعرض مثل: رسم علم فلسطين وخريطة الدولة الفلسطينية وتلوينهم مع تعريفهم الحدود الأصلية للدولة الفلسطينية والتأكيد على استيلاء إسرائيل على أراضيهم منذ سنوات عديدة، مضيفة أنهم قاموا بتوزيع ورقة على الزوار في المعرض تتضمن المنتجات التي يجب مقاطعتها والمنتجات البديلة لها.
“الأطفال بيتأثروا بالأحداث التي يرونها بشكل كبير وكمان أذكياء جداً، لأنهم بيسألوا عن حاجات أكبر من سنهم أثناء القصص التي نتحدث عنها وبيقدروا يستوعبوها بسرعة”، قالتها أية محمد، أحد المشرفين على الأنشطة الخاصة بفلسطين للأطفال، موضحة أنه يجب توعية الجيل الجديد بالقضية الفلسطينية وعدم الموافقة على تهميش حق الشعب الفلسطيني، فالأطفال هم الذين يتمسكون بالقضية ويدافعون عنها في المستقبل، مضيفة أنهم وجدوا ترحيب من الناس المتواجدة في المعرض بوجودهم والقصص التي يشاركونها مع الأطفال، فضلاً عن فرحة الأطفال بالألعاب الكثيرة الخاصة بفلسطين، خاصة رسم علم فلسطين على الوجه مع تأكيد أولياء الأمور على دعم المقاطعة وتدريب الاطفال على الاستغناء عن بعض المنتجات.